رحلات في ربوع وطني المفقود !!!
الرحلة الثانية
مع رفع صوت الأذان لصلاة الفجر في ( أمازاغ ) القرية الصغيرة وهي
عبارة عن مجموعة من عشرات الخيام المجتمعة في بقعة من الصحراء القريبة من أماكن
الرعي وأبار المياه غالباً ما تكون لقبيلة واحدة أو قبيلتين متجاورتين يعيشون مع بعضهم البعض في إنسجام عجيب وفي حب
ووفاء و إخاء .
لا زال الأذان يشق بصداه هدوء الصحراء في مصلى بسيط جداً في وسط القرية أو ( أمازاغ ) سوره
من جزوع الأشجار وله باب أيضاً من جزوع الأشجارسقفه السماء وفرشه أديم الأرض , يخرج
الرجال والفتيان والصبيان للمصلى لأداء صلاة الفجر جماعة وفي يد كل رجل مصلية
صغيرة مصنوعة من جلود الغنم يقال لها في
لغتنا ( أجلييم ) وهو تميز لا يحظى به إلا الرجال فقط اما الفتيان والصبيان
يفترشون الأرض في الصلاة , الكل يتجه إلا المصلى في هدوء وخشوع وصوت التسبيح
والتهليل يهز الأرجاء والكل يدعوربه ويرجوه ويحمده على نعمة الإسلام والسلام في
جنتهم الصغيرة , تقام الصلاة وينتظموا في صفوف متناسقة وجميلة للصلاة .
بعد الفراغ من الصلاة تحولت القرية أو ( أمازاغ ) إلى خلية نحل نشطة
ومنتظمة كل قد علم عمله :
فهذا رجل إتجه لماشيته وأخذ في حلبها وملاء الأوعية واخذ في حملها إلى
خيمته من ثم ساق ماشيته للمرعى , وهذا فتى إقتاد مجموعة من الأغنام أمامه يحمل
عصاه وحقيبة صغيرة من جلد يحمل فيها بعض من الزاد وهو يردد بعض الأهازيج نحو أماكن
الرعي .
و مجموعة من الرجل حملوا
الدواب أوعية وحزموها على ظهور الجمال والحمير وأتجهوا إلى البئر القريبة من
القرية أو ( أمازاغ ) للتزود بالماء وجلبه للقرية أو ( أمازاغ ) .
الفرد يعمل من اجل القرية والقرية تهتم بكل فرد منها في إتحاد جميل فقلوبهم
إجتمعت في قلب رجل واحد وأصبح المصير واحد فرحهم واحد وحزنهم واحد وهمهم واحد فخيم
عليهم حب أظلهم وحصنهم من أفة الحقد والحسد والخيانة والنفاق , الصدق فيهم دين
والوفاء نظام حياة واصبحت السعادة لقريتهم عنوان .
ينطلق الصغار في ركض ولعب محلقين كالفراش وكالحمام يتسلقون كثبان
الرمل وجزوع الاشجار وبسماتهم مشرقة وصوتهم ملاء القرية حياة ولايوقفهم إلا شربة
من ماء أو لقمة خاطفة حتى قبل غروب الشمس عند المساء .
وهذا رجل مسن جلس قرب خيمته وبجواره ابريق صغير لصنع الشاي الاخضر
وعدد من الكؤس لشرب الشاي وهم فتاً من فتيانه في إشعال بضيعات من الجمر لصنع الشاي
عليها وبجواره حقيبة من الجلد لحفظ الشاي والسكر , ولا ينفك لسانه عن التسبيح
والتهليل والتكبير سبحان الله .
وهذا رجل قد جهز راحلة وهو يودع أهله ومعه ابنه وساق معه ماعز مع
زادها وبعض الزواد إلى القرية المجاورة والتي تبعد مسافة يوم على الراحلة ليوصل ابنه إلى معلم القران أو
مايسمى ( تاغربوشت ) ليتركه طيلة أيام الاسبوع عند المعلم هوا والماعز لتكون زاده
طيلة بقائه لدى المعلم ودعم للمعلم وإكرام
له لتعليمه القران للصغار في اروع صور
الكرم والعطاء .
مشاهد رائعة وصورة معبرة للعطاء والوفاء والقناعة في أبسط صورها مما اثمر عنها سعادة وهبها لهم رب السماء
لصدقهم واجتماعهم على قلب رجل واحد ومصير واحد في اروع صور السلام في الإسلام .............
( عذراً وطني ,,,, حروفي عجزت عن تصوير الشعور ومدى الحب في قلبي لك
يا وطني أنت معي في قلبي وعقلي اينما ذهبت حتى في احلامي , قيمك الجميلة تشربتها
من سدي والدتي الزاهدة العابدة فستقرت في نفسي معاني جميلة وخلق حسن , مغترب نعم
مغترب وكل الارض ضاقت على جسدي المنهك من رحلة البحث عنك ياوطني المفقود , ولكن لن
افقد الامل ) .....
مع فائق التحايا ............... محمد الأنصاري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق