نهاية زنبقة !!!
زنبقة وحيدة مميزة بين الورود بلونها الفريد في مشتل للزهور تشتكي الوحدة والأسر , وضعها صاحب المشتل في
عبوة بلاستيكية صغيرة وكل يوم يمر عليها ويسقي تربتها بالقليل من الماء ويرشها
بقليل من ندى الماء لتحافظ على لونها الفريد ونعومتها , صاحب المشتل متمسك بها ويرفض بيعها لتميزها
بلون نادر الوجود يسحر كل من ينظر إليه سبحان من أبدعها .
نظرت إليها جميلة حقاً وفريدة من نوعها ألوانها براقة وساحرة , ولكن أنحنى
عودها وغصنها لم يعد مستقيم وأوراقها ارتسمت عليها علامات الحزن وبدأت بفقدان
لونها الأخضر البراق , أحسست بحزنها ودعوت الله أن يلهمني لغة الزهور حتى أستطيع
الحديث معها وسؤلها عن سبب حزنها , أغمضت
عيني وسرحت في تخيل لغة الزهور وكيف تتحدث مع بعضها البعض وكيف تسبح الله
وتحمده وتوحده و كيف أصبحت رمز للحب
والعطاء والوفاء والسلام , وقفت أمامها في رحلة تخيل جميلة وإذا بصوت يقطع علي هذه
اللحظات الجميلة وينادي علي بصوت رخيم وعذب
قريب من تغريد البلابل والعصافير أنصت جيداً وأخذت ابحث عن مصدر الصوت وتتبعته حتى
قادني إلى الزنبقة , قلت أيعقل
أن هذا الصوت صادر من هذه الزنبقة
أجابت نعم , قلت لها هل هناك احد غيري يسمع صوتك وحديثك : قالت لا : لا
يستطيع سماعي وفهمي غيرك هنا , قلت سبحان من يعلم السر وما تخفي الصدور علم أمنيتي
واستجاب لها , بادرتها بالسؤال ما سبب حزنك الواضح عليك وعلى لونك البراق , قالت أوا لاحظت ذلك , قلت نعم , قالت أنت أول
من يلاحظ ويشعر بحزني ثم قالت بما انك لاحظت حزني سأخبرك بسببه اقترب واستمع جيداً
اقتربت منها وأخذت مقعد مصنوع من خشب وسعف النخل ووضعته أمامها وجلست عليه وبدأت انظر إليها واستمع لها وكل من
حولي في مشتل الزهور ينظر إلي ويظن إني مفتون بجمال الزنبقة ينظر إلي في تعجب ويتخطاني إلى ركن أخر في
المشتل ولا يعلم أن هناك حديث خفي يدور
بيني وبين الزنبقة في جو غاية في الرومانسية والروعة والجمال .
أخذت استمع إليها وهي تسرد قصتها وسبب حزنها قالت : احن إلى موطني
وإلى شقيقاتي فموطني فوق سهل جميل كسته
الخضرة وتجري فيه جداول ماء عذب وشكلت فيه الزهور والورود لوحة ربانية أبدعها الله
سبحانه وتعالى تحوم حولها وفوقها أسراب من الفراشات بألوان خلابة وجذابة وأسراب
أخرى من النحل المتنقل بين الزهور يجمع الرحيق من الزهور وأسراب من الطيور المغردة
في صورة رائعة واقرب إلى الخيال منها إلى الحقيقة في تناغم جميل وكأنها قطعة من
الجنة في هذه الدنيا .
فقبل ما يقارب أسبوع من اليوم
مر صاحب المشتل في نزهة منتظمة له يمر بها على موطني في مثل هذه الأيام من كل عام
من فصل الربيع , قام بإنتقاء مجموعة منوعة منا وقطفها من جذورها وأنا منها وأتى بنا إلى هذا المشتل وحرمني من ما كنت فيه
من حرية وسعادة وما يحزنني أكثر هو أنه منعني من أداء واجبي نحو مجتمعي من مشاركة الفراشات والنحل في تخصيب الأرض وجمع
الرحيق لإنتاج العسل ونشر البزور في التربة
حتى يأتي الربيع المقبل وقد نشاء جيل جديد ليكمل رسالتنا في الأرض .
وها أنا الآن لم يبقى في عمري سوى ساعات معدودة دون أن اترك خلفي اثر
يدل علي أو عمل يذكرني به من يأتي بعدي ولن ينفعني أن الناس استمتعوا بجمالي فقد خلقني الله لرسالة أمرني بها وقد حرمت من
تأديتها بسبب جهل صاحب المشتل ...
استفقت من رحلة تخيلي بدرس وعبرة وعظة وحزن من مصير زهرة كانت هنا
أسمها زنبقة ..........
مع فائق التحايا ................................. محمد الأنصاري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق